فصل: الشاهد الرابع والستون بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مسير الاتابك عماد الدين إلى بغداد بابنه وانهزامه.

قد قدمنا ما كان بعد وفاة السلطان محمود من الخلاف بين ابنه داود وأخويه مسعود وسلجوق شاه ثم استقر مسعود في السلطنة وصلحه مع أخيه سلجوق على أن يكون ولي عهده ثم إن السلطان سنجر سار من خراسان يطلب السلطنة لطغرل ابن أخيه السلطان محمود وكان عنده مقيما فبلغ همذان وخرج السلطان مسعود وسلجوق شاه للقائه وساروا متباطئين ينتظرون لحاق المسترشد بهم وخرج المسترشد إلى فجاءته الأخبار بوصول الاتابك زنكي ودبيس بن صدقة إلى بغداد فذكر دبيس أن السلطان سنجر أقطعه الحلة وبعث يسترضي فلم يشفعه وذكر الاتابك زنكي إن السلطان سنجر ولاه شحنة بغداد واستمر السلطان مسعود وأخوه سلجوق على المسير للقاء سنجر وكانت الهزيمة على مسعود كما مر فعاد المسترشد إلى بغداد ونزل العباسية من الجانب الغربي ولقي الاتابك زنكي ودبيس على حصن البرامكة فهزمهما آخر رجب سنة ست وعشرين ولحق الاتابك بالموصل.

.واقعة الافرنج على أهل حلب.

وفي غيبة الاتابك زنكي سار ملك الافرنج من القدس إلى حلب فخرج نائبها عن الاتابك زنكي وهو الأمير اسوار وجمع التركمان مع عساكره وقاتل الافرنج عند قنسرين وصابرهم ومحص الله المسلمين وانهزموا إلى حلب وسار ملك الافرنج في أعمال حلب ظافرا ثم سار بعض الافرنج من الرها للغارة في أعمال حلب فخرج إليهم الأمير أسوار ومعه حسان التغلبي الذي كان صاحب منبج فأوقعوا بهم واستلحموهم وأسروا من بقي منهم وعادوا ظافرين.

.حصار المسترشد الموصل.

ولما وقع ما قدمناه من وصول زنكي إلى بغداد وانهزامه أمام المسترشد حقد عليه المسترشد ذلك وأقام يتربص ثم كثر الخلاف بين سلاطين السلجوقية واعتزلهم جماعة من أمرائهم فرارا من الفتنة ولحقوا بالخليفة وأقاموا في ظله فأراد الخليفة المسترشد أن ينتصف بهم من الاتابك زنكي فقدم إليه بهاء الدين أبا الفتوح الاسقر ابن الواعظ وحمله عتابا أغلظ فيه وزاده الواعظ غلظة حفظا على ناموس الخلافة في معتقده فامتعض الاتابك لما شافهه به وأهانه وحبسه وأرسل المسترشد إلى السلطان مسعود على قصد الموصل وحاصرها لما وقع من زنكي ثم سار في شعبان سنة سبع وعشرين إلى الموصل في ثلاثين ألف مقاتل فلما قارب الموصل فارقها الاتابك زنكي إلى سنجار وترك نائبه بها نصر الدين جقري وجاء المسترشد فحاصرها والأتابك زنكي قد قطع الميرة عن معسكره فتعذرت الاقوات وضاقت عليهم الأحوال وأرادت جماعة من أهل البلد الوثوب بها وسعي بهم فأخذوا وصلبوا ودام الحصار ثلاثة أشهر وامتنعت عليه فأفرج عنها وعاد إلى بغداد وقيل إن مطر الخادم جاءه من بغداد وأخبره أن السلطان مسعودا عازم على قصد العراق فعاد مسرعا.

.ارتجاع صاحب دمشق مدينة حماة.

قد كنا قدمنا أن الاتابك زنكي تغلب على حماة من يد تاج الملوك بوري بن طغركين صاحب دمشق سنة ثلاث وعشرين وأقامت في ملكه أربع سنين وتوفي تاج الملوك بوري في رجب سنة ست وعشرين وولى بعده ابنه شمس الملوك إسماعيل وملك بانياس من الافرنج في صفر سنة سبع وعشرين ثم بلغه أن المسترشد بالله حاصر الموصل فسار هو إلى حماة وحاصرها وقاتلها يوم الفطر ويومين بعده فملكها عنة واستأمنوا فأمنهم ثم حصر الوالي ومن معه بالقلعة فاستأمنوا أيضا واستولى على ما فيها من الذخائر والسلاح وسار منها إلى قلعة شيرز فحاصرها ابن منقذ فحمل إليه مالا صانعه به وعاد إلى دمشق في ذي الحجة من السنة.

.حصار الاتابك زنكي قلعة آمد واستيلاؤه على قلعة النسور ثم حصار قلاع الحميدية.

وفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة اجتمع الاتابك زنكي صاحب الموصل وصاحب ماردين على حصار آمد واستنجد صاحبها بداود بن سقمان صاحب كيفا فجمع العساكر وسار إليهما ليدافعهما عنه وقاتلاه فهزماه وقتل كثير من عسكره وأطالا حصار آمد وقطعا شجرها وكرومها وامتنعت عليهما فرحلا عنها وسار زنكي إلى قلعة النسور من ديار بكر فحاصرها وملكها منتصف رجب من السنة ووفد عليه ضياء الدين أبو سعيد بن الكفر توثي فاستوزره الاتابك وكان حسن الطريقة عظيم الرياسة والكفاية محببا في الجند وتوفي سنة ست وثلاثين بعدها ثم استولى الاتابك على سائر قلاع الاكراد الحميدية مثل قلعة العقر وقلعة سوس وغيرهما وكان لما ملك الموصل أمر صاحب هذه القلاع الأمير عيسى الحميري على ولايتها فلما حاصر المسترشد الموصل قام في خدمته أحسن القيام وجمع له الأكراد فلما عاد المسترشد إلى بغداد من قتال الاتابك زنكي فحاصر قلاعهم وحاصرتها العساكر وقاتلوها قتالا شديدا حتى ملكوها في هذه السنة ورفع الله شرهم عن أهل السواد المحاربين لهم فقد كانوا منهم في ضيقة من كثرة عيثهم في البلاد وتخريبهم والله تعالى أعلم.